من روائع التاريخ العثماني (ﺣﺴﻦ ﺟﻮﻻﻕ) ﺍﻟﻄﺒﺎﺥ ﺍﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﻬﺮ ﺍﻷﻟﻤﺎﻥ

من روائع التاريخ العثماني
ﺣﺴﻦ ﺟﻮﻻﻕ ﺍﻟﻄﺒﺎﺥ ﺍﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﻬﺮ ﺍﻷﻟﻤﺎﻥ
ﻛﺎﻥ ﺣﺴﻦ ﻓﺘﻰ ﺷﺠﺎﻉ ﻭﻛﺎﻥ ﻳﺮﻏﺐ ﺩﻭﻣﺎ ﻓﻲ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻧﻜﺸﺎﺭﻳﺎ , ﻟﻜﻦ ﺗﻢ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭﻩ ﻟﻴﻜﻮﻥ ﻣﺴﺎﻋﺪ ﻃﺒﺎﺥ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺼﺮ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻧﻲ .
ﻭﻓﻲ ﻋﺎﻡ 1596 ﺗﺠﻬﺰﺕ ﺍلخلافه ﺍﻟﻌﺜﻤﺎنية ﻟﺤﺮﺏ ﻫﺎﺟﻮﻓﺎ ﺍﻟﺸﻬﻴﺮﻩ ﺿﺪ ﺃﻟﻤﺎﻧﻴﺎ , ﻭﺳﻮﻑ ﻳﻘﻮﺩ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻌﺮﻛﻪ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﻣﺤﻤﺪ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﺑﻨﻔﺴﺔ .
ﻟﻜﻦ ﻟﻢ ﻳﺘﻢ ﺃﺧﺘﻴﺎﺭ ﺣﺴﻦ ﻛﻄﺒﺎﺥ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻴﺶ ﺑﺴﺒﺐ ﻋﺎﻫﺔ ﻓﻲ ﺭﻗﺒﺘﻪ , ﻭﻟﻢ ﺗﻨﺠﺢ ﺟﻤﻴﻊ ﻣﺤﺎﻭﻻﺗﺔ ﻟﻺﻧﻀﻤﺎﻡ . ﻓﺬﻫﺐ ﺍﻟﻰ ﻏﺮﻓﺘﻪ ﻭﺃﺧﺬ ﻳﺒﻜﻲ ﺑﺸﺪﻩ .
ﻭﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻻﺛﻨﺎﺀ ﻳﻤﺮ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﺸﻬﻴﺮ ﺧﻮﺟﻪ ﺳﻌﻴﺪ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻭﻫﻮ ﺃﺣﺪ ﻣﺮﺑﻲ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﺑﺎﻟﺼﺪﻓﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﺪﻳﻘﻪ ﺑﺠﺎﻧﺐ ﻏﺮﻑ ﺍﻟﺨﺪﻡ , ﻭﻳﺴﻤﻊ ﺻﻮﺕ ﻧﺤﻴﺐ ﻭﺑﻜﺎﺀ ﻳﻤﻠﺊ ﺍﻟﺤﺪﻳﻘﻪ .
ﻳﺘﺒﻊ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﻟﺒﻜﺎﺀ ﻭﻳﺼﻞ ﺍﻟﻰ ﺣﺴﻦ , ﻳﻄﺮﻕ ﺍﻟﺒﺎﺏ ﻭﻳﺪﺧﻞ .
ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ : ﻣﺎﺫﺍ ﻳﺒﻜﻴﻚ ﻳﺎ ﺑﻨﻲ . ؟
ﺃﺧﺬ ﺣﺴﻦ ﻳﻤﺴﺢ ﺩﻣﻮﻋﻪ ﻭﻳﻘﻮﻝ ﻻ ﺷﺊ ﻳﺎ ﻣولانا .
ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ ﺍﻟﺸﻴﺦ : ﻻﺗﺨﻔﻲ ﺍﻟﺴﺒﺐ , ﻗﻞ ﻟﻲ ﻟﻌﻠﻰ ﺃﺳﺎﻋﺪﻙ ﻳﺎ ﺑﻨﻲ .
ﻓﻘﺎﻝ ﺣﺴﻦ ﻭﻫﻮ ﻳﺒﻜﻲ : ﻟﻦ ﺃﺻﺒﺢ ﺍﻧﻜﺸﺎﺭﻳﺎ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻴﻮﻡ , ﻭﻟﻦ ﺃﻛﻮﻥ ﻃﺒﺎﺧﺎ ﺣﺘﻰ ﺃﻗﺪﻡ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ ﻟﻠﺠﻴﺶ , ﻭﻟﻦ ﺃﺷﺎﺭﻙ ﺍﻟﺠﻴﺶ ﺷﺮﻑ ﺍﻟﻘﺘﺎﻝ ﻭﺍﻟﺠﻬﺎﺩ .
ﻓﺄﺧﺬ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺳﻌﻴﺪ ﻳﻮﺍﺳﻴﺔ ﻭﻳﻘﻮﻝ ﻟﻪ ﺳﻮﻑ ﺗﺸﺘﺮﻙ ﻳﻮﻣﺎ , ﻭﻗﺎﻝ ﻟﻪ ﺍﻧﺖ ﺗﻌﻠﻢ ﻳﺎ ﺑﻨﻲ ﺃﻥ ﺍﻟﺠﻴﺶ ﻻ ﻳﺤﺘﻮﻱ ﺍﻟﻤﻘﺎﺗﻠﻴﻦ ﻓﻘﻂ , ﻓﻬﻨﺎﻙ ﺍﻻﻻﻑ ﻣﻦ ﺍﻋﻤﺎﻝ ﻭﺍﻟﻄﺒﺎﺧﻴﻦ ... ﺍﻟﺦ .
ﻭﻛﻞ ﻫﺆﻻﺀ ﻳﺸﻜﻞ ﺍﻟﺠﻴﺶ ﻭﻳﺠﺐ ﺍﻥ ﻳﻜﻮﻧﻮﺍ ﻳﺪﺍ ﻭﺍﺣﺪﻩ , ﻭﻻ ﻳﺴﻤﺢ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺷﺨﺺ ﻭﺍﺣﺪ ﻏﻴﺮ ﻛﻔﺆ .
ﺛﻢ ﺻﻤﺖ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻗﻠﻴﻼ ﻭﻗﺎﻝ ﺳﻮﻑ ﺗﺬﻫﺐ ﺍﻥ ﺷﺎﺀ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺳﻮﻑ ﺍﺧﺒﺮ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ .
ﻟﻢ ﻳﺘﻤﺎﻟﻚ ﺣﺴﻦ ﻧﻔﺴﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﺮﺣﻪ ﻭﺍﺧﺬ ﻳﻘﺒﻞ ﻳﺪ ﺍﻟﺸﻴﺦ .
ﺍﻧﻄﻠﻖ ﺍﻟﺠﻴﺶ ﺑﻘﻴﺎﺩﻩ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﻣﺤﻤﺪ ﻭﺑﻄﻠﻨﺎ ﺣﺴﻦ ﺳﻌﻴﺪ ﻳﻌﻤﻞ ﺩﻭﻥ ﻛﻠﻞ ﻓﻲ ﺍﺍﻟﻤﻄﺎﺑﺦ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ , ﻭﺍﻟﺴﻌﺎﺩﻩ ﺗﻤﻠﺌﻪ .
ﺟﺮﺕ ﺍﻟﻤﻌﺮﻛﺔ ﻋﺎﻡ 1596 ﻭﺍﺳﺘﻤﺮﺕ ﻣﺎ ﻳﻘﺎﺭﺏ ﺛﻼﺛﻪ ﺍﻳﺎﻡ .
ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻻﺛﻨﺎﺀ ﻭﻛﺎﻟﻌﺎﺩﻩ ﻛﺎﻥ ﺑﻄﻠﻨﺎ ﻳﺨﺮﺝ ﺩﻭﻣﺎ ﻣﻦ ﺧﻴﺎﻡ ﺍﻟﻤﺆﻥ ﻭﺍﻟﻄﺒﺦ ﻭﻳﺮﺍﻗﺐ ﺍﻟﻤﻌﺮﻛﺔ.
ﻭﻟﻜﺜﺮﻩ ﻭﻗﻮﻩ ﺍﻻﻋﺪﺍﺀ ﺑﺪﺃﺕ ﺍﻟﻘﻮﺍﺕ ﺍﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻴﺔ ﺑﺎﻟﺘﻘﻬﻘﺮ ﻭﺑﺪﺍﺕ ﺍﻟﻘﻮﺍﺕ ﺍﻻﻭﺭﻭﺑﻴﺔ ﺗﺨﺘﺮﻕ ﺍﻟﻌﻤﻖ ﻭﺑﺪﺃﺕ ﺣﺘﻰ ﻗﻮﺍﺕ ﺍﻟﺤﻤﺎﻳﺔ ﺑﺎﻟﺘﻘﻬﻘﺮ ﻭﺍﻻﻧﺴﺤﺎﺏ ،ﻭﺷﺎﺭﻓﺖ ﻗﻮﺍﺕ ﺍﻻﻋﺪﺍﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﺻﻞ ﻟﺨﻴﻤﻪ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ .
ﺗﺤﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻻﺣﺪﺍﺙ ﻳﺮﻛﺾ ﺣﺴﻦ ﺍﻟﻰ ﺧﻴﺎﻡ ﺍﻟﻄﺒﺎﺧﻴﻦ , ﻓﻴﻘﻮﻝ ﺑﺼﻮﺕ ﻣﺮﺗﻔﻊ ﻭﻫﻮ ﻳﻠﻬﺚ :
ﺃﺗﺮﻛﻮﺍ ﻋﻤﻠﻜﻢ ﻭﻗﻮﻣﻮﺍ ﻭﺩﺍﻓﻌﻮﺍ ﻋﻦ ﺩﻳﻨﻜﻢ ﻭﺇﺳﻼﻣﻜﻢ ﻭ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ , ﺇﻥ ﺍﻟﻜﻔﺎﺭ ﻭﺻﻠﻮﺍ ﻟﺨﻴﻤﺔ ﺧﻠﻴﻔﻪ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ , ﻻ ﺗﺠﻠﺴﻮﺍ ﻣﻜﺘﻮﻓﻲ ﺍﻻﻳﺪﻱ , ﻓﺪﺧﻞ ﻭﺃﺧﺬ ﺳﻜﻴﻨﺎ ﻭﻓﺄﺱ , ﻭﻗﺎﻝ :
" ﺃﻧﺎ ﺫﺍﻫﺐ ﻟﻠﻘﺘﺎﻝ ﻭﻣﻦ ﻛﺎﻥ ﻳﺮﻳﺪ ﺫﻟﻚ ﻓﻠﻴﺘﺒﻌﻨﻲ "
ﺃﺛﺎﺭ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻮﻗﻒ ﻛﻞ ﺍﻟﻌﻤﺎﻝ ﻭﺍﻟﻄﺒﺎﺧﻴﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻟﺤﻘﻮﺍ ﺑﺒﻄﻠﻨﺎ ﺣﺴﻦ ﺑﺎﻟﺴﻜﺎﻛﻴﻦ ﻭﺍﻟﺨﺸﺐ .
ﻭﻭﺻﻞ ﺍﻻﺑﻄﺎﻝ ﻟﻤﻜﺎﻥ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﻭﻗﺎﺗﻠﻮﺍ ﺍﻻﻟﻤﺎﻥ ﻗﺘﺎﻝ ﺭﻫﻴﺒﺎ , ﻭﺑﻌﺪ ﻣﺪﻩ ﺃﺳﺘﻄﺎﻋﺖ ﺍﻟﺘﻌﺰﻳﺰﺍﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻭﺻﻠﺖ ﻣﻦ ﻃﺮﺩ ﺍﻻﻋﺪﺍﺀ ﻭﺭﺩ ﺍﻟﻬﺠﻮﻡ .
ﻟﻜﻦ ﺣﺴﻦ ﻛﺎﻥ ﻣﺜﺨﻨﺎ ﺑﺎﻟﺠﺮﺍﺡ ﻭﺃﺧﺬ ﻳﻤﺸﻲ ﺍﻟﻰ ﻣﻜﺎﻥ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﻭﻟﻤﺎ ﻭﺻﻞ ﻟﺨﻴﻤﻪ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﺳﻘﻂ ﺃﻣﺎﻣﻬﺎ ﻭﻗﺎﻝ ﺁﺧﺮ ﻛﻼﻣﻪ :
" ﺍﻟﺤﻤﺪ ﻟﻠﻪ ﺃﻥ ﺍﻟﻜﻔﺎﺭ ﻟﻢ ﻳﺼﻠﻮﺍ ﻭﻳﺪﻧﺴﻮﺍ ﺧﻴﻤﻪ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ."
ﺍﺳﺘﺸﻬﺪ ﺑﻄﻠﻨﺎ ﺣﺴﻦ ﺑﻌﺪ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ , ﻭﺣﻘﻖ ﺃﻣﻨﻴﺘﻪ ﺑﺎﻟﺸﻬﺎﺩﻩ ﻭﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻧﻜﺸﺎﺭﻳﺎ ﺑﻄﻼ ﻭﺷﻬﻴﺪﺍ .
ﺍﻧﺘﻬﺖ ﺍﻟﻤﻌﺮﻛﻪ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﺑﻨﺼﺮ ﺣﺎﺳﻢ ﻟﺠﻴﺶ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ , ﺑﻔﻀﻞ ﺷﺠﺎﻋﻪ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ الذي عندما بدء بالتراجع ثبته ﺷﻴﺨﻪ ﺧﻮﺟﻪ ﺳﻌﻴﺪ ﺍﻟﺪﻳﻦ .
منقول


إرسال تعليق

أحدث أقدم